الحب


لم أجد بدا من الكتابة مره أخرى

حملت من النت كتابا عن قوة الإرادة فلم أستطع قراءة شيء

فكرت ملياً .. سأستعين بالله , فكل مرة أستعين بالله ولا يخذلني .ولكن هذه المرة أشعر أنها مختلفة .

أشعر أنني يجب أن أبذل مجهود أكبر لكي أخرج مما أنا فيه , يجب أن أنزع قوة الإرادة نزعا من داخلي .

أشعر أنني يجب أن أعيد ترتيب أفكاري وحياتي من جديد .. وأصنع مكتبة داخلية كمكتبة الكتب , فأرتب فيها كل شيء بدءاً من فرشاة أسناني وحتى أوجاعي المدفونة .

لقد ابتعدت عن الكتابة اعتقاداً مني أنها لم تستطع ان تساعدني , ولكن هيهات .. فهاأنذا أعود إليها بعد هنيهة .

اعتقدت أني كلما ابتعدت في المسافات عن كل مايؤذيني فسوف أُشفى , ولكنني لم أفهم أن المسافات الحقيقية هي بالداخل , هي في أعماقنا , في أرواحنا .

معذبون ومكبلون بجراحاتنا وذكريات لم تعني شيئاً يوماً لمن جرحونا وإلا لما كانوا جرحونا .

مكبلون هنا وهناك وأعيننا عمياء عن الحقيقة .

أقصى ما نستطيعه فعلاً حظر من ابتعدنا عنهم على مواقع التواصل ولم نستطع حظرهم من عقولنا , ولن أقول من قلوبنا فالقلوب لم تعد تعي من جراحاتها , ولكن عقولنا هي المتحكم , عقولنا هي من تشقينا أو تشفينا .

هل أستطيع أن أتحكم في عقلي ؟  هل أستطيع أن أتحكم في قلبي ؟

قال لي صديق .. التعليق صنعة , أتعلمين أن عشماوي يعرف جيداً كيف يحكم تعليق المشنوق في الحبل حتى لا يُعذب , بل وأنه يدرب العاملين في هذا المجال .

إذا كان التعلق يشنق فلم نشنق أنفسنا بأيدينا بل ونُحكِم الشنق على رقابنا , لمَ .. ألم يكفينا العمر في التعلق بالمشانق , ألم يكفنا إهدار مشاعرنا وقلوبنا على فراغ .

إرادتي بداخلي لن يعطينيها شيء ولا شخص , لا .. إلا الله .

لا حول ولا قوة إلا بالله .

استعنت بالله ولكن لم يكفي , استعنت بالله فكفاني شر الظلام ولكن كي أقوم يجب أن أدعو وأبدأ في التحرك , هل يثنيني الاكتئاب , أم سحر أم حسد .. كل ذلك له علاج فوري فعلي أن اختار وأبدأ في الحال , أنزل الله لنا كتابه مضاد للاكتئاب , وآياته ضد السحر وضد الحسد , فلا حجة لي الآن .

دعوت وبدأت أقرأ .. بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم , ملك يوم الدين , إياك نعبد وإياك نستعين , اهدنا الصراط المستقيم , صراط الذين أنعمت عليهم , غير المغضوب عليهم ولا الضالين .

هذا الدعاء وعليك الإجابة .

لا يكفي

هذا الجهد وعليك التكلان .

لم أفعل شيئاً , يجب أن يتزامن هذا مع ذاك , يجب أن أتحدث مع نفسي وافعل فعل الطبيب النفسي معها , يجب أن أعرف ماذا تريد , وماذا سوف تفعل لتحقيق ما تريد .

على كتفيّ ثقل جبال ومع هذا فسوف أنهض , شياطين تموج وتتحرك هنا وهناك , إنس وجن وكل ماتشتهي الأنفس الشريرة من الشرور .

سمعت وقرأت كثيراً عن أصحاب الاكتئاب والأمراض النفسية وظننت أنهم ضعاف النفوس , كيف ليس لديهم قوة الإرادة لتغيير أنفسهم .

كيف لمدمني المخدرات أن يتركوا أنفسهم لتصل لما وصلت إليه .

وكأن الله ابتلاني بنفس الإحساس لأعذر أصحاب الأمراض , ولكنني لم أتعود على الضعف , لقد كنت دوما أقف مثل الجبل تهزني العواصف والأعاصير فأقف في وجهها ولا أهتز .

ولكن الجبل اهتز , لم يصمد للنهاية , أشعر أني هذه المرة وقعت تلك الوقعه الكبرى التي يقولون عنها في الأفلام , لقد تحملت الكثير حتى ذهب عقلها فجأة .

ولكن ليس من طبعي الاستسلام , لا لست أنا , ولكن أشعر أني ضعيفة جدا , لقد صفعت وجهي أبواب كثيرة وآلام لا يحتملها البشر العادي , فلم يتحمل قلب أربعون سنه عذاب , حيث أن الست سنوات الأولى بالطبع لم أعرف فيها حزنا تقريباً .

أربعون سنه من الآلام , ماذا ينتج عنها , ولكن …

كيف أنكر فضل ربي , فقد كان فيها فرحا كثيرا , لقد سعدت بعض لحظات في تلك السنون , ولكن الحزن كان كثيراً , والآن لا استطيع أن أشعر إلا به.

يعيب عليّ من حولي أني أحب الحزن , وهم لا يعرفون أني أعشق الفرح أكثر منهم , وهم يعرفون جيدا كم أحاول إسعاد من حولي ولا اظهر لهم ما بداخلي , فهم لم يروا ولم يمروا بم مررت لكي يشعروا بم اشعر .

هاأنذا أجتر الآلام .

فكيف أنهض من كل هذا .

أريد روحا جديدة وجسدا جديدا وحياة جديدة , ليس بها ألم , ليس بها حزن , ليس بها من خذلوني وآلموني وظلموني .

أريد أن أنفض كل هذا الغبار عن روحي وأنهض , لا أريد أن أمر بم مررت به مرة أخرى .

أريد أن أتغير كلياً وجذرياً , أريد أن أتحول من انسان ضعيف يبكي عند كل ضيق إلى انسان قوي لا تهمه الخطوب ولا تثني ظهره المصائب .

ولكن هيات فقد خلق الله سبحانه الانسان في كبد .

ولكن بإمكاني أن أصبح أقوى مما أنا عليه , بإمكاني أن أكون خليفة الله في الأرض , بإمكاني أن أنفذ ما يريد الله مني , فهذا هو الحب الذي يعول عليه .

أعرف أنه ليس بالكلام , ولكن كل شيء يبدأ بالكلام والتعليم ويتنهي بالفعل بالقلب والجوارح .

يجب أن اعلم نفسي أن الحبيب الأوحد هو الله , هو فقط من يحبني وخلقني لأنه يحبني , خلقني ومراده مني أن أكون خليفته في الأرض , فماذا يجب أن يفعل الخليفة ؟ يهتم بشؤون الرعية ؟

نعم يهتم بشؤون الرعية , يهتم بشؤون عياله , فمعنى الخليفة .. هو انسان تحت يديه رعية يهتم بشؤونهم , فليكن كل من في الأرض رعيتك , تصل لمن تستطيع أن تصل إليه وتساعده , هذا هو خليفة الله في الأرض .

وكل إليك الله الخلافة , وليست الخلافة بالمعنى الذي تقوله داعش الظالمة , ولكن الخلافة أن ننفذ أوامر الله فينا , نحب الله ونعلمهم حب الله وحب كل شيء على الأرض , الجماد والحيوان والانسان .

نعلمهم أن يتراحموا , أن يتكافلوا , أن لا أترك عرياناً , أن لا أترك جوعاناً .

أنا خليفة الله في الأرض وأنت خليفة الله في الأرض وفلان وفلان وفلان .. إلى ما لا نهاية من البشر كلهم خلفاء الله في الأرض , فتخيل لو أننا كلنا نفذنا مخطط الله لنا في الأرض فلن يصبح أو يمسي جوعانا ولا بردانا ولا عريان .

لو أننا كلنا خليفة الله في الأرض لن يكون هناك من يُقتَل ظلما , لن يكون هناك ظلم على وجه الأرض , ولكن هيهات , فلن يأكل ابليس عيشا على الأرض لو فعلنا كلنا ذلك .

على الأقل لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

هيا لنعلم الناس التكافل والحب , ولكن لنعلمهم أولا مراد الله منا , هو الحب ….

هو الحب يا خليفة الله , يناديك الله في كل وقت وأنت تجري وتهرب وتنفر منه , يقول لك تعالى إلي فتدير له وجهك وتذهب بعيداً , لا أحبك أنت , أريد محبوبتي أو محبوبي , ابني .. زوجي .. أمي .. اختي , كلهم شركاء في الحب .. إذا جعلتهم شركاء .

ولكن كيف لا نحبهم وقد أمرنا بالحب .

يجب أن نحب ولكن لا نجعلهم شركاء , هذه معادلة صعبة ولكن يدلنا في هذا سيدنا وحبيبنا وقدوتنا سيدنا رسول الله , الذي أحبه الله واصطفاه , وأحب الله وناجاه .

هو لم ينف أنه يحب زوجاته ويحب الصحابة ويحب أبناؤه , ولكنه صلى الله عليه وسلم قال : لو أن فاطمه بنت محمد سرقت لقطعت يدها , وهل تعتقدون أنه لو فعل فهو لا يحبها ولككنه كان سينفذ حد الله حبا لها لتطهيرها , وحاشاها بنت سيدنا من ذلك .

أن نحب الله هل هي معادلة صعبة .. كيف أحبه أكثر من أهلي ومالي وولدي .

الحب يقاس بتفضيل الحبيب على أنفسنا , فكل من أحب نراه يعطي المحبوب كل شيء حتى روحه .

إذاً فالحب هو التضحية , حب الله ان أفضل الله على كل شيء في حياتي , أترك ما لا يحبه الله وآخذ مايحبه الله , حتى لو كان هذا الترك والأخذ يؤلمني .. فهل نصل لهذه الدرجة الخالصة , نعم بإمكاننا أن نصل .

حينما نصل لهذا ويرانا الله على هذه الحال , يُذهِب وجع قلوبنا على ماتركنا ويبدله فرحاً ووقتها نقول , ياه ويكأن الله أراد لنا الخير ولم نكن نرى الحقيقة .

هنا نعرف أن قوة الإرادة التي ستُخلَق بداخلنا منبعها .. الحب .

منبعها أن أعرف أنني خليفة الله في الأرض , ولا أحرك اصبع من أصابعي إلا حباً له .

أصحو من نومي حبا في الله لأنني عندما أصحو سأكون اليوم خليفة الله في الأرض ,

كيف ذلك .. حينما أفعل أي شيء , حتى غسول وجهي , أنوي أن أكون بذلك خليفة الله في الأرض , فخليفة الله نظيف . حينما آكل , فأنا آكل لأن خليفة الله يجب أن يكون قوياً , خليفة الله يجب أن يكون بشوش الوجه رحيم رؤوف مثل حبيبنا سيد الخلق صلى الله عليه وىله وصحبه وسلم .

حينما أنظف حجرتي , افعل ذلك لأن هذا فعل من يكون خليفة الله في أرضه .

حينما أعامل صديقي المسيحي أو اليهودي أو المجوسي معاملة طيبة , لأنني خليفة الله في الأرض , فحبيب الله خليفته في أرضه يجب أن تكون هذه أفعاله , كلها مقتداه من حبيبنا سيدنا وسيد الخلق وكلها ليست بعيده عن أفعاله ولنقرأ عنه لنعرف ذلك.

حينما أذهب لعملي سعيد بالرغم من الجنيهات القليلة , أفعل ذلك لإرضاء حبيبي ربي فلعل الجنيهات القليلة يبارك فيها حبيبك ويمنعك من الذهاب بأولادك للطبيب .

لعلك بالرضا والحب تأتي آخر الشهر وتقول تبقى من المرتب عشر جنيهات سأتبرع بها لمسكين , لعله يفتح لك أبواب رزق كثيرة لا تعرفها مادية ومعنوية , فكثير منا لا يقتنع بقول , إن الرزق ليس فقط مال , ولكنها حقيقة والإسلام لا يدعو إلى الفقر , وانظر إلى الرجل الذي قال له حبيبنا احتطب , فلم يقل لأصحابه .. هيا تبرعوا لأخيكم ولكنه حثه على العمل والجهد .

ولكن هناك من كان رزقه مال وهناك من كان رزقه معنوي , فهنا قسم الأرزاق بحسب نفوسنا وما تحتاج .

ولكن خليفة الله في الأرض يعمل مهما كانت النتائج .. يعمل ويجتهد ويساعد غيره .

هل سنكون خلفاء الله من أول وهلة , بالتأكيد إن النفس تحتاج إلى تدريب وتعويد .

 

في اليوم الأول يجب أن أقول لنفسي

أنا خليفة الله في الأرض

الله يحبني ويراني

الله يحب أن يراني أفعل أشياء جيده

الله يحب أن يراني أفعل ما أفعل له فقط فهو يرى ما بداخلي .

ناهد سند

 

 

اذا كنت استفدت فلا تبخل علينا بكلمة شكر أو اضغط زر الإعجاب- لا تحتاج للتسجيل او لكتابة اميلك للتعليق