معرض كيف تصل إلى منازل القربات


وقال في حل الرموز ثم اعلم أنك لا تصل إلى منازل القربات، حتى تقطع ست عقبات، العقبة الأولى فطمس الجوارح عن المخالفات الشرعية، العقبة الثانية فطمس النفس عن المألوفات العادية، العقبة الثالثة فطمس القلب عن الرعونات البشرية، العقبة الرابعة فطمس النفس عن الكدورات الطبيعية، العقبة الخامسة فطمس الروح عن البخورات الحسية، العقبة السادسة فطمس العقل عن الخيالات الوهمية، فتشرف من العقبة الأولى على ينابيع الحكم القلبية وتطلع من العقبة الثانية على أسرار العلوم اللدنية وتلوح لك في العقبة الثالثة أعلام المناجات الملكوتية ويلمع لك في العقبة الرابعة أنوار المنازلات القربية وتطلع لك في العقبة الخامسة أنوار المشاهدات الحبية وتهبط من العقبة السادسة على رياض الحضرة القدسية فهنالك تغيب بما تشاهده من اللطائف الأنسية عن الكثائف الحسية فإذا أرادك لخصوصيته الإصطفائية سقاك بكأس محبته شربة تزداد بتلك الشربة ظمأ وبالذوق شوقاً وبالقرب طلباً وبالسكر قلقاً اه المراد منه تتميم اشكل على بعض الفضلاء قوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعلمون مع قوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله الحديث والجواب أن الكتاب والسنة وردا بين شريعة وحقيقة أو تقول بين تشريع وتحقيق فقد يشرعان في موضع ويحققان في آخر في ذلك الشيء بعينه وقد يحققان في موضع ويشرعان فيه في آخر وقد يشرع القرآن في موضع وتحققه السنة وقد تشرع السنة في موضع ويحققه القرآن فالرسول عليه السلام مبين لما أنزل الله قال تعالى “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم فقوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعلمون هذا تشريع لأهل الحكمة وهم أهل الشريعة وقوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله هذا تحقيق لأهل القدرة وهم أهل الحقيقة كما أن قوله تعالى وما تشاؤن إلا أن يشاء الله تحقيق وقوله صلى الله عليه وسلم إذا هم أحدكم بحسنة كتبت له حسنة تشريع والحاصل أن القرآن تقيده السنة والسنة يقيدها القرآن فالواجب على الإنسان أن تكون له عينان أحداهما تنظر إلى الحقيقة والأخرى تنظر إلى الشريعة فإذا وجد القرآن قد شرع في موضع فلا بد أن يكون قد حقق في موضع آخر أو تحققه السنة وأذا وجد السنة قد شرعت في موضع فلا بد أن تكون قد حققت في موضع آخر أو حققها القرآن ولا تعارض حينئذ بين الآية والحديث ولا أشكال وهنا جواب آخر وهو أن الله تعالى لما دعا الناس إلى التوحيد والطاعة على أنهم لا يدخلون فيه من غير طمع فوعدهم بالجزاء على العمل فلما رسخت أقدامهم في الإسلام أخرجهم عليه السلام من ذلك الحرف ورقاهم إلى إخلاص العبودية والتحقق بمقام الأخلاص فقال لهم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله والله تعالى أعلم وهنا أجوبة لأهل الظاهر لا تجدي شيئاً ولما كان الإنتقال من عمل الظاهر إلى عمل الباطن لا بد أن يظهر أثره على الجوارح قال تعالى أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها الآية وظهور الأثر هو التجريد أشار إليه بقوله إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية، وإرادتك الأسباب مع إقامة الله إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية قلت التجريد في اللغة هو التكشيط والإزالة تقول جردت الثوب أزلته عني وتجرد فلان أزال ثوبه وجردت الجلد أزلت شعره وأما عند الصوفية فهو على ثلاثة أقسام تجرد الظاهر فقط أو الباطن فقط أو هما معاً فتجريد الظاهر هو ترك الأسباب الدنيوية وخرق العوائد الجسمانية والتجريد الباطني هو ترك العلائق النفسانية والعوائق الوهمية وتجريدهما معاً هو ترك العلائق الباطنية والعوائد الجسمانية أو تقول تجريد الظاهر هو ترك كل ما يشغل الجوارح عن طاعة الله وتجريد الباطن هو ترك كل ما يشغل القلب عن الحضور مع الله وتجريدهما هو أفراد القلب والقالب لله والتجريد الكامل في الظاهر هو ترك الأسباب وتعرية البدن من معتاد الثياب وفي الباطن هو تجريد القلب من كل وصف ذميم وتحليته بكل وصف كريم وهو أي التجريد الكامل الذي أشار إليه شيخ شيوخنا سيدي عبد الرحمن المجذوب بقوله

اقارئين علم التوحـيد

هنا البحور إلى تغبي

هذا مقام أهل التجريد

الواقفين مع ربـي

اذا كنت استفدت فلا تبخل علينا بكلمة شكر أو اضغط زر الإعجاب- لا تحتاج للتسجيل او لكتابة اميلك للتعليق